][ بــجــوار الـــنـــهـــر الــشـــمـــالـــي ، تـــوجـــد وردة زرقــــاء : قـــصـــة ايـــفـــرتـــون الـــكــــبـــيـــر ][

بسم الله الرحمن الرحيم






السلام عليكم و رحمة الله و بركاته




بعد استراحة محارب ، وجدت بعض الوقت لقراءة سطور عن نادي انجليزي - إذ هي عادة اكثر منها هواية !

و رغم ان للكتابة أهلها المشهود لهم - و لست منهم طبعا - الا انني آثرت الا الاجتماع بإخواني الاعزاء بعد طول انقطاع بسبب الدراسة و مشاغلها اللامنتهية .

فأهلا بكم جميعا .



تقديم




أستهدف اليوم الابحار في تاريخ و حاضر نادي ايفرتون العملاق . نادي لا يقل عن كبار اندية انجلترا في عراقته ، الرابع في سلم ترتيب الفائزين بالقاب الدوري، جار و غريم أبدي لنادي ليفربول اذ يترقب الملايين عالميا مواجهتهم مرتين سنويا على الاقل فيما يعرف بديربي الميرسيسايد . كل هذا غيض من فيض يقودني لاستعراض لمحات من تاريخ و حاضر هذا النادي الكبير.


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


حكاية تأسيس بدأت بصبغة و إسم دينيين !!






عندما تقرأ في قصص بدايات الاندية الانجليزية المؤسسة في أواخر القرن التاسع عشر،ستجد إن تاريخها ضمن الدور الكبير للكنائس في تأسيس جل هذه الاندية . فرسان الميرسيسايد الزرق كانوا احد هذه الاندية. سنرى كيف تم ذلك .



بدأت جذور تأسيس ايفرتون من كنيسة تدعى كنيسة ساينت دومينغو الميتودية the Methodist church of St. Domingo’s . في ذلك الحين، بداية سبعينيات القرن 19 (1870s)، كانت الكريكيت هي اللعبة الشعبية في تلك المنطقة الحاوية لمحيط الكنيسة . بعدها بقليل رأى احد وزراء الكنيسة ان اعضاء فريق الكريكيت بحاجة لنشاط آخر يقضى به هؤلاء الفتيان فترة الشتاء اذ ان الكريكيت كانت تمارس في اشهر الصيف فقط ! كانت كرة القدم هي الاختيار لما يملأ فراغهم . لا داعي للتخوف من اي مقاومة للتغيير لدى الناس هناك، اذ انه سرعان ما سحبت كرة القدم بساط الشعبية المحلية من الكريكيت. و بهذا اعلن عن تأسيس نادي ساينت دومينغو لكرة القدم سنة 1878 .


و حال كل بدايات اندية انجلترا ، كانت بداية نادي ساينت دومينغو متواضعة ، ممارسة الكرة كانت على ارضية لعب جرداء في احدى زوايا الستانلي بارك ( قريبا مما ينوي ليفربول أقامة استاده الجديد عليه ) ، خشبات المرمى كانت مما تجود به اكواخ البارك !! اللعب كان يجرى بلا ترتيبات . بعدها ارتقى المستوى قليلا الى امكانية لعب نزالات مع الفرق المحلية المجاورة و كان يشهدها مئات المشجعين بلا رسوم مشاهدة .



و بعد ذلك ، شهدت السنة التالية تطورا كبيرا في قدرات اللعبة و جودة اللاعبين الى حد ان النادي اصبح جذابا للاعبي المناطق المجاورة . و عندما تمت جميع هذه التطورات في وضع الفريق بدون اي ارتباط او دور للمؤسسة الدينية ، كان من الضروري تغيير اسم الفريق . اجتماع فندق Queen's Head Hotel في 1879 شهد تغيير اسم الفريق الى نادي ايفرتون.


خاض ايفرتون اولى مبارياته في ذات موسم تغيير مسماه امام طرف محلي هو فريق كنيسة ساينت بيتيرز و انتهى اللقاء 6-0 لايفرتون .


و برغم انفصال ايفرتون كناد لكرة القدم عن جذور تأسيسه البادئة من كنيسة ساينت دومينغو ، الا ان الارتباط بينهما استمر لعقود و شاهد ذلك انعقاد قداس ديني في 1928 كإشارة لليوبيل الذهبي لتأسيس النادي .




الحقبة الاولى 1888-1938


كان ايفرتون احد الاعضاء المؤسسين لاتحاد دوري كرة القدم الانجليزي سنة 1888-1889 . و تمكن من احراز دوري القسم الاول - البريميرليغ بمسماه الحالي - بعد ذلك بسنتين فقط (1890-1891). علاقة ايفرتون ببطولة كأس انجلترا - الاعرق عالميا كما يعلم القارئ الكريم - بدأت موسم 1906 . بعدها بفترة احرز التوفيز ثاني القاب الدوري المحلي موسم 1914-1915 . و عندما انتشرت تأثيرات الحرب العالمية الاولى ادى ذلك الى ايقاف انشطة كرة القدم المحلية و ايفرتون كان هو يتربع على عرش اندية انجلترا ، الامر ذاته حدث عندما اوقفت الانشطة الكروية مجددا بسبب نشوب الحرب العالمية الثانية !! ( أقول : ما هذا النحس الذي احدثه هؤلاء ، من الجيد ان اللقبين حسبا لهما ).

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

برغم تأثير التوقف ، لم يحتاج ايفرتون لكثير من السنين لاعادة كتابة الامجاد، ففي 1925 تعاقد النادي مع اللاعب ديكسي دين (Dixie Dean) الذي يحمل الرقم القياسي في عدد تسجيل الاهداف في موسم واحد ، مازال رقمه صامد لايامنا هذه !!، اذ تمكن من احراز 60 هدف خلال 39 مباراة في موسم 1927-1928. و بهذه الاهداف ساعد ديكسي فريقه في احراز ثالث القاب الدوري الانجليزي.



لم تطل فترة الهناء للتوفيز ، فبعد سنتين من ذلك الموسم الرائع و تحديدا في 1930، هبط ايفرتون لدوري القسم الثاني Second Division League بسبب فوضى عارمة في دواخل البيت الازرق . لم يتأخر ايفرتون في العودة لمكانه الطبيعي بين كبار اندية انجلترا ، ففي الموسم التالي 1931-1932 ، عادوا لدوري القسم الاول حاملين ايضا رقما قياسيا في عدد تسجيل الاهداف في دوري القسم الثاني . في ذات الموسم و من العجيب حقيقة ، حقق النادي رابع لقب دوري القسم الاول !! و بعدها بموسم حقق النادي كأس انجلترا لثاني مرة بعد فوزه الكبير على مانشستر سيتي في النهائي بـ 3-0 .


كانت نهاية هذه الحقبة في تاريخ ايفرتون هي الفوز بخامس القاب دوري القسم الاول موسم 1938-1939.

ستون عاما حقق فيها مارد ليفربول الاصغر ، ان جاز التعبير ، 5 القاب دوري و كأسين محليين . لا تبدو ظلامية ابدا .


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




الحقبة الثانية 1946-1989


كما سلف ذكره ، كان الدوري الخامس لايفرتون موسم 1938 هو التنافس الدوري الاخير قبل اندلاع شرارة الحرب العالمية الثانية ومن هنا فقد صنف الباحثون هذه الحقبة كحقبة مختلفة عن الحقبة الاولى. نعود لمحور حديثنا .


بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وعودة الركض في ميادين الكرة الانجليزية سنة 1946 ، شحب الوجه المتلألئ لايفرتون مقارنة بحقبة الذهب قبل الحرب . لم يحقق الفريق اي نجاح طوال وجوده في دوري القسم الاول لاربعة مواسم سبقت هبوطه الثاني في مسيرته موسم 1950-1951 .بعدها لم يتمكن الفريق من العودة سريعا لاندية النخبة كما حصل خلال الهبوط الاول . لكنه عاد موسم 1953-1954 بعد حلوله ثانيا في دوري القسم الثاني .الجدير بالذكر ان صعوده هذا لم يتبعه اي هبوط .


الكبار يمرضون و لا يموتون ، مقولة لا يختلف في صحتها ! في بداية الستينات من القرن الماضي بدأ رصد الحقبة الذهبية الثانية لايفرتون . عين النادي المدرب هاري كاتيريك Harry Catterick على رأس جهازه الفني موسم 1961. احتاج الرجل لموسم واحد فقط ليحصد لفريقه الدوري المحلي السادس . و في 1966 ، حقق مع الفريق كأس انجلترا للمرة الثالثة في تاريخه بعد ان كسب شيفيلد وينزداي 3-2 . في 1968 ، وصل التوفيز لنهائي الكأس لكن لسوء حظها خسروه من امام وست بروميتش البيون.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

لا توجد مفردة "الاكتفاء" في قاموس هؤلاء الاسود ، موسم 1969-1970 حقق ايفرتون لقب الدوري للمرة السابعة بفارق 9 نقاط عن مطاردهم الاقرب ليدز يونايتد . ما يثير اعتراز مشجع ايفرتون على مدى الايام ان ناديه كان اول نادي انجليزي يلعب لخمسة مواسم متتالية في المنافسات الاوروبية ، كان ذلك في الفترة من 1961-1962 الى 1966-1967 .


على النقيض ، لم يدم النجاح ، فقد شهدت السنوات التالية تدهورا في مركز ايفرتون بين الكبار اذ حل في المراكز 14، 15، 17، 7 في المواسم الاربعة التالية لاخر موسم نجاح. صانع نجاحهم السيد هاري كاتيريك تقاعد و لم يفلح من تبعه في احراز انجاز طيلة ما تبقى من سبعينيات القرن الماضي . لم يمنع ذلك ايفرتون من مقارعة الكبار خلال فترتي اشراف كل من بيلي بينغهام Billy Bingham اذ حل رابعا موسم 1974 ، و جوردون لي Gordon Lee حلوا ثالثا و رابعا موسمي 1977 و 1978 على التوالي.


عطفا على هذه النتائج التى لا ترضى انصار الفريق ، ، عين الاسطورة هاورد كيندال Howard Kendall على رأس الهرم الفني في الفريق في 1981 . هاورد كان بحق اللاعب الرئيس لاكثر فترات نجاح التوفيز . محليا ، قاد كيندال ايفرتون لتحقيق كأس انجلترا موسم 1984 و لقبين دوري محليين موسمي 1984-1985 و 1986-1987 و اوروبيا الى اول و اخر لقب اوروبي هو كأس الكؤوس الاوروبية موسم 1985. اذ سطر ابناء الغوديسون بارك ملحمتهم التاريخية باقصاء عملاق بافاريا من نصف النهائي بنتيجة 3-1 و اسقطوا رابيد فيينا النمساوي بذات النتيجة في النهائي .

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



وحيث ان ايفرتون كان بطل الدوري و كأس كؤوس اوروبا موسم 1985 ، كان الطموح باحراز الثلاثية كبيرا بيد ان مانشستر يونايتد منعه من ذلك بعد ان هزم الشياطين التوفيز في نهئي كأس انجلترا.


كان لتبعات كارثة هايزل الشهيرة التى ادت لمنع مشاركة اندية انجلترا قاريا لخمسة مواسم بالغ الاثر على العديد من الاندية الكبرى محليا و منها ايفرتون . اذ ان السيد كيندال استقال و ذهب لتدريب اتليتك بلباو الاسباني و تم تعيين كولن هارفي Colin Harvey خلفا له . من محاسن الاخير قيادته ايفرتون لنهائي الكأس الانجليزية موسم 1989 التى خسرها من غريمه ليفربول 2-3 بعد التمديد.


ايفرتون الحديث


كما كان ايفرتون من الاعضاء المؤسسين لاتحاد دوري كرة القدم ، كان من المؤسسين للبريميرليغ موسم 1992 . و لكنه عاني كثيرا في ايجاد المدرب الصحيح . حتى ان عودة صانع مجده هاورد كيندال في 1990 لم تغير من الواقع شئيا . خلفه كان مايك ووكر Mike Walker ، كان اقل مدربي التوفيز ارقاما مما قاد ايفرتون لاقالته سريعا.


في 1994 ، تولى اللاعب السابق لايفرتون جو رويل Joe Royle مسؤولية تدريب التوفيز . تحسن الحال بقيادته اذ انقذ ايفرتون من الهبوط و قاده لتحقيق كأس انجلترا للمرة الخامسة في تاريخه بعد انتصاره على مانشستر يونايتد 1-0 . هذا اللقب اعاد ايفرتون لتجربة الحملات الاوروبية لكان هذه المرة بلا انجاز . و محليا انهوا الدوري سادسا موسم 1995 .


استقال رويل ليخلفه ديف واتسون ثم في 1997 عاد كيندال ليتولى تدريب ايفرتون للمرة الثالثة في مهمة كانت فاشلة و شاهد ذلك حلولهم في المركز 17 امام بولتون الهابط بفارق الاهداف فقط .


مدرب رينجرز السابق والتر سميث Walter Smith عين خلفا لكيندال موسم 1998 و حظي بمواسم متواضعة مع ايفرتون .


في 2002-2003 ، عين النادي المدرب ديفيد مويس ، الذي كما يعلم الاكثرية مازال مدربا لايفرتون . في اول مواسم مويس انهى ايفرتون الدوري سابعا . و في 2004 ، تمكن ايفرتون من المشاركة في دوري ابطال اوروبا اثر حلوله رابعا . في مواسم 2007-2008 و 2008-2009 شارك ايفرتون في كأس اليويفا (دوري اوروبا حاليا) و حل وصيفا لبطل كأس انجلترا تشيلسي موسم 2009 .


مواسم مويس مع التوفيز شهدت كسرا لارقام ايفرتون القياسية في اسعار جلب اللاعبين في اربع مناسبات مختلفة . مع جيمس بيتي بـ 6 مليون باوند موسم 2005 ، مع آندي جونسون بـ 8.6 مليون باوند في 2006 ، مع ياكوبو بـ 11.25 مليون باوند موسم 2007 و اخيرا مع مروان فيلايني بـ 15 مليون باوند صيف 2008 .


في المقابل ، خلال حقبة مويس ايضا سجل الرقم القياسي لقيمة لانتقال لاعب من ايفرتون . كان ذلك عندما انتقل واين روني الى مان يونايتد بمبلغ 27 مليون باوند.


و بعد



السطور الماضية كشفت النقاب عن انجازات كبير من كبار الكرة الانجليزية عبر تاريخها الاعرق عالميا . ربما كان من الطبيعي ان يتفرد كبير ليفربول و ملوك اوروبا -ليفربول- بالثناء و تسليط الضوء على الانجازات و لكن لطالما اعتقدت ان هناك من الكيانات الكروية من يستحق العودة للخلف لتسطير واقع رائع و وجه جميل لرجال برهنوا بإنجازتهم على أصالة و شموخ الكرة الانجليزية . و حيث اننا نعيش في زمن المادة بغض النظر عن صحة استخدامها ، قد لا يبدو ايفرتون اليوم كما كان سابقا و لكن و رغم ذلك لا زال التوفيز في أعين الاف الناس مضربا للمثل في الرقي و الاصرار على اثبات الذات امام جميع الفرق الكبيرة. اتمنى ان أرى ايفرتون يعود لمجده قريبا .


ختاما


أشكر القارئ الكريم على وقته في قراءة هذه السطور و عذرا إن أطلت عليكم .

أود الاشادة حقيقة بما قدم و يقدم من جهود رائعة بأيادي أخواني طاقم الاشراف و الاعضاء ، أرسنال العربي يستحق منا الكثير و أرجو أن تتاح لي الفرصة لمشاركتكم جميعا هذا الواجب .

الف شكر مني لكل من هنأني في الايام الماضية و العقبى لجميع اخواني في تحقيق جميع ما يصبون اليه .

يعم روووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووح

بجد روح بيتكم